تاريخ مدربي النادي الأهلي المصري
يعد النادي الأهلي المصري من أعظم أندية كرة القدم في تاريخ أفريقيا والوطن العربي، حيث يمتلك تاريخًا طويلًا من الإنجازات المحلية والقارية. تأسس النادي الأهلي عام 1907، وحقق منذ ذلك الحين عددًا هائلًا من البطولات، ويعود جزء كبير من هذا النجاح إلى المدربين الذين قادوا الفريق عبر السنين. في هذا المقال، سنتناول أبرز المدربين الذين تركوا بصمتهم في تاريخ النادي الأهلي، وتأثيرهم في تحقيق البطولات وتشكيل هوية الفريق.
البدايات: فجر الكرة المصرية (1907-1940)
في السنوات الأولى لتأسيس النادي الأهلي، لم تكن هناك مهنة "المدرب" بمعناها الحالي. الفريق كان يُدار بشكل أكبر من قبل اللاعبين والمسؤولين في النادي. ومع ذلك، بدأت الحاجة إلى مدرب محترف تتزايد مع تطور كرة القدم في مصر.
في هذه الفترة، حقق الأهلي أولى بطولاته المحلية، وفاز بأول بطولة دوري مصري في موسم 1948-1949 تحت قيادة مدربه الإنجليزي بادي هودجسون. على الرغم من أن كرة القدم لم تكن بنفس مستوى الاحترافية كما هي الآن، فإن تلك الحقبة وضعت الأساس للنادي ليصبح القوة المهيمنة في كرة القدم المصرية.
الحقبة الذهبية الأولى: ناندور هيديكوتي (1973-1980)
في السبعينيات، شهد النادي الأهلي نقلة نوعية تحت قيادة المدرب المجري ناندور هيديكوتي. تولى هيديكوتي تدريب الفريق عام 1973 وكان له تأثير كبير على تطوير الأداء التكتيكي للفريق. يُعد هيديكوتي من أعظم المدربين في تاريخ الأهلي، حيث كان يعتمد على اللعب الجماعي والدفاع القوي.
تحت قيادته، نجح الأهلي في الفوز بالعديد من البطولات المحلية، بما في ذلك الدوري المصري والكأس. ساهم في بناء قاعدة قوية للاعبي الفريق الذين سيستمرون في تحقيق البطولات في الثمانينيات. هيديكوتي يعتبر من أوائل المدربين الأجانب الذين تركوا بصمة حقيقية في تطوير الكرة المصرية.
الكابتن محمود الجوهري (1982-1984)
بعد مغادرة هيديكوتي، تولى الكابتن محمود الجوهري تدريب الأهلي في فترة الثمانينيات وكان له دور بارز في صعود الفريق على الساحة الأفريقية. قاد الجوهري الأهلي للفوز بأول بطولة دوري أبطال أفريقيا في تاريخ النادي عام 1982، مما فتح الباب أمام النادي ليصبح قوة كروية كبرى على مستوى القارة.
الجوهري كان يتميز بقدرته على اكتشاف المواهب الشابة وتطويرها، كما أنه كان يمتلك نظرة تكتيكية حادة، حيث أدار مباريات الأهلي بحنكة وذكاء. تحت قيادته، أصبح الأهلي منافسًا جديًا على كافة البطولات المحلية والقارية.
مانويل جوزيه: أسطورة الأهلي (2001-2009 و2011-2012)
مانويل جوزيه هو بلا شك المدرب الأكثر شهرة في تاريخ النادي الأهلي. بدأ البرتغالي قيادة الفريق في فترة أولى قصيرة عام 2001، قبل أن يعود مرة أخرى في عام 2004 لقيادة الفريق في فترة ذهبية استمرت حتى 2009، ثم عاد في فترة ثالثة عام 2011.
تحت قيادة جوزيه، حقق الأهلي العديد من الإنجازات على المستويين المحلي والقاري. فاز الفريق معه ببطولة دوري أبطال أفريقيا 4 مرات (2001، 2005، 2006، 2008)، وهو رقم قياسي يضعه كأحد أعظم المدربين في تاريخ الكرة الأفريقية. جوزيه أيضًا فاز بعدة بطولات دوري مصري وكأس مصر، إضافة إلى حصوله على الميدالية البرونزية في كأس العالم للأندية عام 2006.
تحت قيادته، شهد الفريق تطورًا في أسلوب اللعب، حيث اعتمد على كرة هجومية منظمة وروح قتالية عالية. كما أن جوزيه كان يُعرف بعلاقته الوطيدة مع اللاعبين، وهو ما جعله يحظى بشعبية كبيرة داخل أوساط النادي والجماهير.
حسام البدري (2009-2010، 2012-2013، 2016-2018)
بعد رحيل جوزيه، تولى حسام البدري مهمة قيادة الفريق في عدة فترات، وأثبت نفسه كمدرب وطني مميز. في فترة ولايته الأولى، نجح البدري في الفوز ببطولة الدوري المصري الممتاز عام 2010. كما عاد في فترته الثانية ليقود الفريق إلى التتويج بدوري أبطال أفريقيا عام 2012، بعد فوزه على الترجي التونسي في النهائي.
البدري اعتمد على نظام دفاعي قوي وتكتيك متوازن، وتميز بقدرته على إدارة الأزمات داخل الفريق. في فترته الثالثة، قاد الفريق للفوز بالعديد من البطولات المحلية، وكان يعتمد بشكل كبير على اللاعبين الشباب مثل رمضان صبحي ووليد سليمان.
بيتسو موسيماني (2020-2022)
بيتسو موسيماني، المدرب الجنوب أفريقي، هو واحد من المدربين الذين حققوا نجاحات كبيرة في فترة قصيرة مع الأهلي. تولى موسيماني قيادة الفريق في عام 2020 وقاد الأهلي للفوز بدوري أبطال أفريقيا مرتين متتاليتين (2020، 2021)، وهو ما جعله أحد أبرز المدربين في تاريخ النادي.
تميز موسيماني بقدرته على قراءة المباريات بشكل ممتاز وإجراء التبديلات التي تقلب مجرى المباريات لصالح الأهلي. كما قاد الفريق لتحقيق المركز الثالث في كأس العالم للأندية مرتين (2020، 2021)، وهو إنجاز كبير يضاف إلى رصيد النادي.
مارسيل كولر (2022-الآن)
في عام 2022، تعاقد الأهلي مع المدرب السويسري مارسيل كولر، الذي جاء بخبرة تدريبية واسعة من الدوريات الأوروبية. تحت قيادة كولر، بدأ الفريق في استعادة أسلوبه الهجومي المميز، وشهدت النتائج تحسنًا ملحوظًا سواء على المستوى المحلي أو الأفريقي.
كولر يعتمد على أسلوب متوازن بين الدفاع والهجوم، وقد أثبت كفاءته في التعامل مع الضغط الكبير الذي يعيشه النادي الأهلي بسبب تطلعات جماهيره لتحقيق البطولات.
تأثير المدربين الأجانب والمصريين
كان للمدربين الأجانب والمصريين تأثير كبير على مسيرة الأهلي. المدربون الأجانب مثل مانويل جوزيه وبيتسو موسيماني قدموا أفكارًا جديدة وتكتيكات متقدمة ساهمت في رفع مستوى الفريق على الساحة القارية. في المقابل، لعب المدربون المصريون مثل محمود الجوهري وحسام البدري دورًا محوريًا في تحقيق البطولات والحفاظ على استمرارية النجاح المحلي.
الأهلي يُعد من الأندية التي تستفيد من التنوع التدريبي، حيث نجح في المزج بين الأساليب الأوروبية والأفريقية والمحلية لخلق فريق قوي ينافس على كافة الجبهات.
الخاتمة
مدربو النادي الأهلي كانوا جزءًا لا يتجزأ من تاريخه العريق، حيث ساهموا بشكل كبير في تحقيق النجاحات والبطولات على مر العقود. من المدربين الأوائل الذين أسسوا قاعدة الفريق، إلى الأساطير مثل مانويل جوزيه وحسام البدري، وصولاً إلى المدربين الحاليين مثل مارسيل كولر، كان لكل منهم دور في تشكيل هوية النادي وتحقيق رؤيته في أن يكون الأفضل على المستويين المحلي والقاري.
النادي الأهلي سيظل دائمًا يعتمد على مدربين من أصحاب الخبرة والكفاءة لقيادة الفريق نحو المزيد من الإنجازات في المستقبل.